بصفته الأب المؤسّس للتجريد الغنائيّ الفرنسيّ الذي تأسّس سنة 1960، أشار ماتييه إلى المبادئ الأساسيّة لعمله: بدون أشكال أو مراجع محدّدة مسبقًا، التنفيذ السريع والعفوي (لتجنّب تدخّل الواعي) والدخول في حالة تركيز من النشوة وتشبه الترانس. شكّل جسرًا بين فرنسا والتعبيريّين الأمريكيّين، وكان معروفًا بتنصيباته العامة، التي سبقت الكتابة على الجدران وفنّ الشارع.
"لوثر يحتلّ مدينة دواي" رسمها ماتييه بعد عامين من رحلته إلى اليابان. هناك تعرّف على مجموعة "غوتاي" - فنّانين شباب راديكاليّين جربوا التكوين التجريبيّ، فوريّة الرسم والبيئات التفاعليّة، مع التركيز على العلاقة بين الجسم والمادّة. التأثير اليابانيّ على عمله واضح في بروز اللون الأحمر، وهو لون وطنيّ، وبقرب لغته الفنّيّة من الكتابة الفنّيّة. يشير العنوان إلى العصور الوسطى والتاج الفرنسيّ-وخاصّة احتلالات لوثر، ملك مملكة الفرنجة الغربيّة، التي كان ماتييه مهتمًّا بها بشكل خاصّ. رسم ماتييه مباشرة من الأنبوب، ثم سحق الدهان جزئيًّا، تاركًا الرشّ، البقع والقطرات. الملمس كما لو أنّه قابل للتحسّس ويعبّر عن نوع من الصراع، أو الرقص، بين الفنّان وقماشه. مثل ذلك الفارس الذي يسلّ سيفه، رسم ماتيه يتحرك ذهابًا وإيابًا، ينحني فوق اللوحة في حركة حادّة ويحاول اختراق حدود اللفتة الجسديّة. "لوحتي هي لوحة طاقة، لوحة محمومة، إثارة الحياة".
سارة بن شوشان