اهتمّ الفنان من مدرسة نيويورك مارك روثكو بالسرياليّة الأوروبّيّة، وملأت لوحاته أشكال حيويّة منذ مطلع سنوات الـ 40. أصبحت هذه، بمرور الوقت، مناطق عائمة من الدهان فوق القواعد المدهونة، وأصبحت علامة روثكو التجارية. وصفها الناقد الفني كليمنت غرينبرغ في سنة 1955 بأنها "لوحات حقل اللون"، وتميّزت بحيّز مفتوح واستعمال تعبيريّ للون. رسم روثكو ليغوص في أعماق حياته الداخلية وعمق الوجود الإنساني. بالنسبة له الفن هو شكل عميق من التواصل وإنتاجه هو عمليّة أخلاقّية.
تحتوي أعمال روثكو النموذجية على مساحات مستطيلة واسعة تختلف في عددها ونسبها ولونها. حوافها مخفّفة وتحوم فوق بعضها البعض على سطح الرسم. تعمل ظاهرة الوهم البصري المعروفة باسم "الصورة التِّلْويّة" على تكثيف الإحساس بالتحليق، حيث إنّ مراقبة كل قسم مرسوم بحدّ ذاته، يؤثر على استشعار القسم المجاور له. في هذه اللوحة، تجري مواجهة بين حقول اللون باللونين الأزرق والأصفر، ثم يتمّ توحيدهما على سطح برتقالي. يكشف التفاوت الطفيف في كثافة اللون عن تجارب الفنان في تقنية الفرك: من خلال وضع ألوان مكثفة على طبقات من الدهان الشفاف، ينتج غموض، حركة دقيقة وتظهر الكتل وتتراجع.
أراد روثكو أن يقف المشاهد بالقرب من اللوحة، لكي تلفه الألوان من كل مكان وتثير مشاعره. صرّح روثكو قائلًا: "أنا مهتم فقط بالتعبير عن المشاعر الإنسانية الأساسية – المأساة، النشوة، الدمار، إلخ". "وحقيقة أن الكثير من الناس ينهارون ويبكون عندما يقفون أمام لوحاتي، تظهر أنّني قادر على نقل مثل هذه المشاعر الإنسانية الأساسية. إذا كنت تنفعل فقط بسبب نسب الألوان التي فيها، فقد فاتتك الفكرة الأساسيّة".
عدينا كميان