بدأ بيير سولاج في سنة 1979 سلسلة لوحاته بلون واحد، "ما وراء الأسود". "لطالما أحببت هذا اللون بسبب قوّته، بسبب عمله الخلّاب. الأسود هو لون قويّ. ضع الأسود بجانب أحد لوينات الداكن، فجأة يضيء الأسود. إنّه نشيط جدًّا". انجذب سولاج دائمًا إلى الظلام؛ بحث في قوامات مختلفة ومعقّدة من الأسود التي حصل عليها من خلال امتصاص أو انكسار الضوء.
عنوان العمل، "لوحة 143x202 سم، 21 كانون الأوّل 64"، هو صيغة محايدة يستخدمها الفنّان لتعريف أعماله، وكذلك لتوجيه المشاهد ودعوته إلى التفسير الحرّ. يتميز التكوين، وهو قالب أسود على خلفيّة بيضاء بروح الكتابة الفنّيّة في شرق آسيا، بضربات فرشاة واسعة وثقيلة، ذات سماكة متفاوتة ينتجها الفنان بحركات واسعة من الذراعين والكتفين. سولاج يستخدم الملاعق، المجارف الصغيرة، قطع من المطاط وما شابه ذلك، ويمرّ بها على اللوحة - أحيانًا يكشط، وأحيانًا يحفر أو ينحت لإنتاج سطح أملس أو خشن. الدهان الذي يستخدمه عادة، يستخدمه دهّانو البيوتّ، وليس بالضرورة الرسامين والفنّانين. مقاطع عميقة، خطوط عموديّة أو أفقيّة، شقوق ضوء وتصدّعات تجرح سطح الرسم، تشوّش تجانس الأسود وتؤكّد على التناقض: داكن - فاتح. على الرغم من أنّ العمليّة الإبداعيّة بديهيّة، إلّا أنّ إيقاعها مبني على التوازن - أعلى اليسار مقابل أسفل اليمين، الفاتح مقابل الداكن، اللوينات غير الشفّافة واللوينات الشفّافة، والخافتة والمتوهّجة، والطبقات الرقيقة والسميكة وضربات الفرشاة العموديّة والأفقيّة.
